تعرف على نفسك (2)

نتابع ... قلنا أن أول معطيات الخلود إلى دهاليز النفس وغياهبها هو التواصل عبر التحدث معها وكأنها شخص يعنيني ما هو به، حاسبها كأنها شخص يهمك أمره ، لتدرك بوصفك محايدا ما تبتليه نفسك من مدلهمات. وهي كفرصة تتعرف بها على نفسك، ولتعرف في حضرتها ان النفس أنواع ، بل ان تلك الأنواع فيها الصديق وفيها العدو، قد تعجب من كلامي ولكنه الواقع. يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله حين سؤل"من اعرف الناس بربه" فقال"اعرفهم بنفسه"، ذلك ان معرفة النفس تعتبر من العبادات فهل منا من يدرك معنى لذلك !! إذ ان أصعب ما فيها انك تروض نفسك ولا يتسنى لك ذلك إلا من خلال معرفتك بها،فتعرف من اين منبع الخطأ فيها وكذلك الصواب،حيث يقول الإمام علي عليه السلام"المعرفة بالنفس انفع المعرفتين". ولنأتي لنستكمل خطواتنا، وقبلها لنتعرف على النفس وأنواعها، كشف لنا الباري عز وجل ان هناك أنواع من الأنفس، فهناك النفس الأمارة حيث قال عز القائل في سورة يوسف " ولا أبرئ نفسي ان النفس لأمارة بالسوء"، والنفس اللوامة حين قال في سورة القيامة "ولا اقسم بالنفس اللوامة"، والنفس المطمئنة وذكرها الله سبحانه في سورة الفجر وقد خصها بالحديث مباشرة قائلا عز وجل" يا أيتها النفس المطمئنة" صدق العزيز الحكيم. من خلال الوصف القرآني فان النفس تتميز بأنها هوائية الشغف حيث تدلنا سورة النازعات في قول الباري حين ذكر فيها"وإما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى" وهذا أصعب ما يمكن للإنسان مجاهدته، إذ انك كيف يمكنك ان تفصل المادة عن عنصرها الأساسي، بمعنى آخر هل يمكن للطير ان تمنعه من الطيران؟ إذ انه خلق طائر له جناحان،فكذلك النفس خلقت من الهواء فهل يمكن فصلها عن أساس تكوينها، كذلك هو الامتحان الحقيقي، وكما وصفها الإمام علي (ع) بقوله" النفوس طلقة لكن أيدي العقول تمسك أعنتها عن النحوس"، فالطائر لا يمكن مسكه عن الطيران فلديه عينان يرى بهم ولديه فطرته التي فطره الله عليها ليشق طريقه بأريحيه، وكذلك النفس يمكن كبح جماحها بالعقل والتعقل وفهمها ومعرفة بواطنها. وما لا يعرفه الكثيرون بأن النفس تكمل خواص الإنسان أو عناصره (خاماتها) إذا ما عرفنا ان الإنسان مكون من العناصر الطبيعية الأربع التي خلق بها هذا الكون والتي تنتمي لها الأبراج الفلكية وتتأثر بها كثيرا _ قد أتطرق لذكرها في وقتها_ حيث فهي مكونه من التربة وهي مادة الجسد، وعنصر الماء وهي مادة الحياة في الجسد "وجعلنا من الماء كل شيء حي" علة الخلق، وسر الخالق اللاهوتي، حيث ان الدماء والخلايا هي عبارة عن مياه، والعنصر الثالث هو النار وهذه المادة وتكاد لا ترى لأنها مكون الإشعاعات التي يطلقها الجسد والاستجابات الحسية والإيماءات ،بينه وبين المحيط به والتي تتسبب بها استجابات الجسد للأجساد الأخرى سواء الحية أو الجماد، وهي تتمثل بالتحديد في الحواس كالنظر والشم واللمس، وأخيرا عنصر الهواء والتي تكونت منها النفس .بالطبع أنا هنا اذكر النفس لا الروح فهناك فرق، لا يسعني ذكره الآن. ولنا متابعة...

تعليقات

  1. اهلا بك ايها الزائر، اجل يراودني التفكير لتكملت ما بدأت الا اني في الفترة الماضية فقدت لياقتي النفسية وبالطبع فان فاقد الشيء لا يعطيه، وها انذا في اتم الاستعداد للمضي بهذه السلسة التي تحظى بقبول الزائرين.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعرف على نفسك _ 6

هوى البحر.. كالبحر