يوم استفاق العرب


يوم استفاق العرب

ماذا يحدث على سطح الأرض بحق الإله..؟
أحداث متسارعة تلحقها ردات فعل أكثر سرعة تلحقها أفعال أسرع بكثير..
كيف لي أن أوصل الفكرة ؟ لا بد من توصيف!!..
لم نكن ندرك حقيقة الثورة يوما، كل ما نملكه هو ارث أيدلوجي من أن العرب كانوا ثوار وان اغلب الحاكمين علينا هم ولادة من مخاض ثائر غبطنا حين كنا صغار وغممنا حين كبرنا وعرفنا الفكرة، فبقيت الثورة درساً لم ننساه يوما بل نتطلع إليه بوهن، ونحلم به حلم اليقظان.
درس الثورة كان يحكم مراهقتنا، ومن ثم أصبح يحكم ارثنا، كان ركيزة الحاضر ومنصة التاريخ ووصية للجيل الممزق، كان يعني الأغاني الخالدة لجيل العمالقة التي تفوح منها رائحة الحرية والثورة والكرامة والإباء.. وحلم لا يمكن أي جيل أن يحدث مثله.

وجاء ذلك اليوم .. عشنا الحلم وكنا نصف نيام، لم يبلغ بنا الحدث مبلغه إلا بعد الإطاحة بحاكمين من أشرس الحكام، ولنقل أن ثورة مصر المجيدة كانت الأبهى يمكن لأنها مصر أم الدنيا.. أو لأننا عاصرناها من البداية حتى المنتهى..  حينها أدركنا أن المستحيل بات ممكن.

استفاق العرب بعد أن عاشوا أيام الثورة المصرية القليلة التي بلغت 18 يوم فقط كحلم جميل يخاف على من يستيقظ منه أن يكره الحياة بعد أن رأى جماله. ولكن كان تحقيق الحلم أجمل وهذا الأمر كان له وقع الحسام المهندي على أفئدة العرب التواقين لأيام الفروسية والانتصارات، اجزم أن حرب لبنان الأخيرة كان لها وقع عظيم على تلك الأفئدة المحطمة، فجاء جيل الانتصارات، بعد أن شحن الجيل بأن المستحيل لم يكن إلا وهم.

تحلحلت تلك الشعوب التي كانت تتحرك فرادا ربما وهي تأن من البطش والظلم، ذلك لا ينفي وجود شعوب لم تتجرأ يوما على أن تتحلحل ولكنها لا تعيش الحرية أصلا بل ما هو أدنى من العبودية، وتلك لها شأنها الخاص.

بين زهرات الربيع العربي تفتح برعم البحرين الندي وبات يرشق رحيق زهره الذي كبر وأصبح باقة بين شجرات الورود العربية، ذلك الجمال العربي المزهو باسم الحرية، العدالة، الكرامة، العزة، دهس ورود البحرين بنظرة طائفية وأدت تلك المسميات وأبرزها الحرية إلى قتلها في البحرين، لا افهم كيف لطالب حرية أن يقف ضد حرية الآخرين وباسم ماذا؟ الدين؟ لهو هرج ومرج لا يرضى عنه الله أبدا.

وبقيت زهرات البحرين التي حسب من حسب أن تفقد نداوتها بتمازجها مع دم قاني بقيت تتثاءب عند الفجر وتصحوا ليلاً وهي لا تنحني لأي ريح أو عاصفة، وكانت صرخاتها المجلجلة تبقيها صامدة.

ذلك حدث قد كان، وما كان قد كان، بقيت الثورات اللاحقة كمن تنبه له بعض المريدين للوضع أن يبقى فما أن تخلصوا من قذافي ليبيا حتى بات همهم اليوم أسد سوريا، فتغير زر الثورة والحرية إلى تعبئة وسيطرة وفرض أمر واقع.. تحول الحدث إلى ردة فعل تصده، وللأسف بأيد الأحرار المفتوحة.

بعد الحدث قادت ردت الفعل الشعوب العربية إلى التمزق بين مؤيد ومعارض بين فاهم للوضع وبين محب للثورة ، بين مدرك لذلك التدخل والسيطرة باسم الثورة والتغيير وبين من لايزال يعيش في حلم الممكن من ثورة العرب المجلجلة.

بعض من يعارضون التغيير خوفا من فقدهم لمطامحهم باتوا يعيثون فسادا في الدول التي نهضت ولن تخمد أنفاسها إلا بتحقيق التغيير وكأن زمن الاستعباد يحاصر العربي، فها هي تلك الدول تضج من أمراض ما بعد الولادة ولكن نقول لها هوينا فالطفل الوليد لايزال ضعيف وهو على استقواء وان خاض المغرضون فتنة التفريق.. سيكبر ولن يموت..

ورغم كل تلك التحركات والتغييرات إلا أن الألفية الجديدة تظل هي المفاجئة الوحيدة، تغيرات متلاحقة وشوق إلى التغيير يثمل مريديه، هناك في الغرب تتغير حكومات من شأنها أن تغير أوضاع وتساعد أوضاع ناشئة، بالأمس ذهب ساركوزي مع الريح هباء وهو الذي وقف حجر عثر عند الكثير من القرارات العربية، وننتظر تغيرات أخرى ربما في الغرب وربما في الشرق ..
ولكن الحصان صاحب الرهان اثبت أنهم الشباب العربي الذي شغل العالم كله ولا يزال.. فهو الفائز رغم كل ما يحاك ضده في الخفاء أو العلن.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تعرف على نفسك _ 6

هوى البحر.. كالبحر