فلسفة الدم ...وانتصار الشعوب
مجزرة !! كلمة سمعناها في الحروب وهي الكلمة المترادفة والتي تسترعي ذكرها مع كلمة الصهاينة وإسرائيل، فقد كان في فكرنا ان كل مجزرة تكون إسرائيل وراءها ولكن لنفهم أكثر معناها لدى الإسرائيليين أنفسهم..
أكثر القادة الصهاينة من وظف عمليات المجازر ضد الإنسانية كان شارون ولكن كانت في من ؟ هذا هو السؤال كان يوجهها إلى أعداءه من وجهة نظره ليحافظ على شعب إسرائيل الكريم.. ولذا تبرر له الأمم المتحدة حق الدفاع عن النفس وتمجده إسرائيل في حفظ أمنها ولكن لفظته ونبذته الإنسانية.. فأين هو الآن ؟؟
كذلك الأمر ينطبق على عدد كبير من القادة أبرزهم هتلر شاغل الناس الذي قاد مجزرة فتحت عليه وابل الحروب ولكن في من ؟؟ كانت في بني اليهود الذين كرههم لأسباب شخصية واجتماعيه ولكنه في الوقت ذاته عز أهل جلدته بل صنف الألمان على أنه العنصر البشري الأفضل على وجه الكرة الأرضية.. ولكن مجازره تلك قادته إلى أين..؟؟ كلكم يعرف نهاية هتلر..
وقبلهم قبل كل ذلك التاريخ الم يذكر فرعون الذي أحدث مجازر ولكن في من ليس في شعب مصر وإنما في بني إسرائيل "أحفاد النبي يعقوب الذين استوطنوا مصر" وكيف كانت نهايته..
إلا إني أريد ان افهم نوع آخر من المجازر.. هي تلك التي يرتكبها حكام بحق شعوبهم .. تصوروا ..ولنفهم أكثر، ارتبطت كلمة المجزرة التي أريد فهمها بقادة خلدهم التاريخ ولكن بالطبع في "مزابله".
لعل اشهرهم تاريخيا هو الطاغية الفرنسي روبسبير الذي احتل الحكم بعد سقوط الملكية اللويسية، فعمد إلى ان يعيش شعبه في ظلم وضيم كبيرين حتى ثار الثائرون ويبدوا انه نسى انه يحكم شعب قام بإنهاء حقبة ملكية ضاربة في الزمن وهم بالطبع يستطيعون ان ينهوا حكمه الذي امتد ثلاث سنوات، ليست الثلاث سنوات هي المشكلة إذ ان الشعب صبر عليها بكل ما أوتي من صبر، إلا ان ما أنهى حكمه حقيقة هي الأسابيع الستة الأخيرة التي قام فيها بمجزرة إذ قتل خلالها نحو ستة آلاف مواطن فرنسي بالمقصلة _الاختراع الأحدث حينها_ دون ان يهتز له ضمير كما يذكره المؤرخون فماذا كانت نهايته ، لنستمع للتاريخ ..
يقول المؤرخ الدكتور محمد متولي:
مضي روبسبير.. ذلك النمر الضاري.. دراكولا مصاص الدماء.. قضي علي نفسه بتطرفه واشتطاته، فقد أصدر في 10 يونيو سنة 1794م قانونا كان بمثابة السيف علي رقاب أعضاء المؤتمر الوطني الفرنسي.. بمقتضي هذا القانون حرم أعضاء المؤتمر من حصانتهم البرلمانية، وكان يهدف من وراء هذا القانون الإطاحة بكل من يرفع رأسه معارضا إياه، أو مخالفا أفكاره.. ولكنه نسي ما قد يصنعه الخوف في لحظة اليأس.. ذلك أن الشجاعة قد تدب حتى في قلب الجبان إذا ما اضطر إلي الدفاع عن نفسه.
وخشي أعضاء المؤتمر الذين وعوا دروس المقصلة جيدا.. خشوا علي أنفسهم ولذا دبرت مؤامرة ضد (روبسبير) وأعوانه، واتفق كل من (باراس و دتاليان) متزعمين المؤامرة وهما من رجال الثورة اللذين كانا خائفين علي ما يفعله (روبسبير) ومن معه، لذلك عزما علي التخلص من هذا الطاغية.. وبدلا من استخدام الخطب والكلمات لإسقاطه استخدما نفس أسلحته..القوة.. ومن ثم جهزا قوة عسكرية واقتحما بها دار البلدية التي كان بها روبسبير يحاول تبرير جرائمه وتدبير جرائم جديدة.
ونجحت إحدى الرصاصات التي أطلقت عليه في أن تصيب فكه، واقتيد وهو يقطر دما إلي المقصلة، كي يذوق نفس الكأس التي أذاقها الكثير من فرائسه.
ويعلق مؤرخنا علي هذا الحدث¬ الذي أطاح بهذا الطاغية الذي أحال حياة الناس في فرنسا إلي جحيم لا يطاق.. بسفكه الدماء وعدم التورع بإنزال العقاب.. وأقل العقاب عنده هو الإعدام بالمقصلة¬ بلا مبرر¬ عقب علي ذلك بقوله."وهكذا انتهي هذا الكابوس المخيف الطويل، وزالت فجأة حمي التذبيح الممقوتة التي كلفت باريس وحدها ألفين وستمائة ضحية، وبقية أنحاء فرنسا أكثر من 30 ألف قتيل!!".
لقد وجهوا له تهمة الخيانة العظمي، فانفض من حوله أنصاره وتركوه لمصيره المحتوم، وانتهي هوان الشعب الفرنسي بتخلصه من حكم الطاغية، وبدت روح الأمل تدب من جديد لإقامة مجتمع الحرية والإخاء والمساواة الذي افتقدته الجماهير بعد ظلام ليل طويل.
ولنذهب إلى طواغيت أكثر قربا لقراءاتنا التاريخية، أولئك الذين اغتالوا وطنهم لاطماعهم فنذكر مثلا شخصيات مثل الروسي جوزيف ستالين.. ولأورد قصته التي يتم تداولها، "حكم ستاليـــــــن الاتحاد السوفيتي من عام 1924 إلى 1953 م وكان دكتاتورا دمويا يقتل الناس بمجرد الشك بهم، تقول بعض المصادر ان عدد ضحاياه ربما بلغ الـ 50 مليون إنسان.. خابر ذات يوم جوزف ستالين إلى بيريا (رئيس الاستخبارات والأمن الداخلي): إني فقدت غليوني الخاص، وبعد مدةّ اتصل ستالين ثانية معه عبر الهاتف قائلا: يا رفيق (بيريا) لا تضيعّ وقتك، عثرت على الغليون.اعتذر (بيريا) من ستالين وقال له: آسف، أخبرتني متأخراً لأننّا القينا القبض على أربعمائة شخص بتهمة، سرقة الغليون واعترف منهم مائة وثمانون شخص بالسرقة على أثر التعذيب، وقد أعدمناهم جميعاً !!.
وحول موت (ستالين) يقول خليفته (خروشوف): قضينا ليلة ممتعة مع (ستالين) في فيلّته الخاصة وقد كان يتمتع بصحة جيّدة رغم أنه شرب خمراً كثيراً في تلك الليلة، ولم نشاهد فيه ايّة ظاهرة من مرض أو علّة، حتى أنه رافقنا إلى الممر للتوديع، ثم عاد إلى مكانه بنشاط كامل. وفي ليلة الغد فوجئت عن طريق الهاتف بتدهور أحواله، فاجتمعا وأسرعنا إليه وإذا بخادم ستالين استقبلنا قائلاً ـ وكان طاعناً في السن ـ إن الرفيق (ستالين) مضطجع على أرض الغرفة مغمى عليه.
فاجتمعنا حوله بسرعة للعلاج، ولكن باءت كل المحاولات اللازمة في إفاقته فاشلة، إلاّ انه انتبه خلال تلك الفترة مرةً واحدة ولم يتمكن من الكلام.
وعندما صببنا شيئاً من السوائل المنبهّات في فمه بالملعقة، أشار بيده اليسرى إلى مجلة على غلافها صورة طفلة تطعم خروفاً وهي قابضة على قرنه، كأنه أراد بذلك أن يقول: إن ذلك يشابه وضعي الآن. فلمّا رأى بريا (رئيس الاستخبارات والأمن الداخلي والصديق القريب لستالين) ستالين في هذه الحالة وهو على مشارف الموت، بصق في وجه (ستالين) وفجأة انقطعت أنفاس (ستالين) ومات، وصار جثة هامدة، ويقول السياسي الروسي ( مولوتوف ) في مذكراته ان ( بيريا) تفاخر بعدها بأنه وضع السم لستالين" انتهى الاقتباس، لنعرف بعدها كيف مات ستالين انه مات بعد ان عرف من غدر به .
ولن نسرد قصة موسليني الطاغية الايطالي الذي أسس حزب الفاشية الدكتاتوري، فالجميع يعرف ان من قتله هم أعضاء حزبه بعد ان فاض بهم ما يفعله وكانت ميتته شنيعة بالفعل..
طبعا تاريخ اولئك الطغاة كان عبرة لكل الحكام الأوربيين من بعدهم وعابرة ان صح الوصف إلى حكم الجماهير والشعب بديلا للحكم المتسلط والحاكم الأوحد..
اجل اتعظ الغربيون ولكن لم يتعظ العرب إذ قام عدد من الحكام بتفعيل سياسة الترهيب التي استمدت تاريخيا منذ تولي الحكم السلطوي المتوارث الذي جاء به بني أمية ولكن هذا ما يعكس لنا عدم استمرارية دويلات الخلافة الأسرية .. على مدى التاريخ..
ولنعرج على أمثله عربية نالها الخزي وأبرزها الطاغية العراقي صدام حسين الذي أباد مدن وقرى كاملة كقرية "حلبجة الكردية" واستخدم الترهيب مع مناطق في بلده بعمليات إبادة بشرية شرعت للقوى التحالف من غزو العراق وكانت نهايته كما عرفناها جميعا ذلك الديكتاتور الذي لا يمكن ان ينطق احد اسمه خوفا من العيون التي يزرعها هنا وهناك اخرج كالفأر من الجحر..
ولنعرج على اقتلاع حكام عرب كان همهم جمع الثروات وتهميش رفاهية شعوبهم بل إشغالهم بالفقر والبطالة والمرض، وأبرزهم التونسي زين العابدين بن علي، والمصري حسني مبارك.. والدور يأتي على الليبي معمر القذافي الذي لن تكون نهايته بعيدة في تفاصيلها عن نهاية صديقة صدام حسين بعد حمام الدم الذي سال في صحراء ليبيا.. إذ انه صنف في هذه الألفية ومع توافر الوسائل المرئية بأنه الطاغية الدموي.
ولنعود للوطن.. للحبيبة البحرين، كان صباح السابع عشر من فبراير 2011 ليس كيوم عادي، فاجعة بكل المقاييس، فاجعة عقدت الألسنة والقلوب والحياة معها، لدرجة إننا لم نفق منها ليومنا هذا، صدمه سلبتنا الأمان في أرضنا.. إذ كيف جيش الأولى به ان يدافع عن ارض الوطن ومواطنيه يوجه أسلحته إلى صدورهم العارية،وتسول له نفسه بهرق دماء أبناءه..وكل ذنبهم أنهم رفعوا صوتهم ينادون بالحقوق التي يجب ان تعطى لهم منذ زمن بعيد ومن غير ان يطلبوها..؟؟
مثل هذه المجازر لا يمكن ان يتجاوز عنها التاريخ، وأيضا لا يمكن ان تمر في صنع التغيير من غير ان تقوم بتأثيرها الحيوي، لكل حرية ثمن ولكل تغيير فدية، ولنا في البحرين موعد معها..
اجل نحن في سنة الخلاص كما سماها البعض، وفي سنة التغيير كما يحلوا للبعض التفاؤل بها، وفي سنة المعجزات إذ أنها حولت أحلام عربية لا يمكن الحلم بها إلى واقع..
وإذا ربطنا بمنطقيه الأمرين معا، سنعود إلى نتيجة تقول، بان الشعوب هي المنتصر في كل حروب يقودها أشخاص رغم كل تلك الأرواح وبحور الدماء، تلك التجارب أثبتت ان المجازر التي يقودها دكتاتورية خلدوا في مهملات التاريخ ومزابله لفظهم شعبهم وشنعوا بهم، وفي النهاية الشعب كان هو المنتصر.
معادلة المجازر الوطنية نتيجتها واحدة ان الجلاد هو الخاسر، ولا يمكن ان يباد شعب ويبقى شخص.. ليت التاريخ يعلمهم ..
لا نزال ننتظر شمس الحرية، اذ يعدنا الله سبحانه وتعالى بها إذ يقول "ان موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب"!! صدق الباري عز وجل/ سورة هود.
فداك دمي يا وطني ولكن لتبقي عزيزة بين الدول لا يهينك احد ولا يسخر منك الساخرون، بعد ان ارخص بك راسمو السياسة ليحققوا طموحاتهم الدنيوية..
فالبقاء لك .. خالدة يا ارض البحرين كزهرة جلجامش.. الخالدة
تعليقات
إرسال تعليق