إحساس بائس

حين تجثوا لمحبيك وأنت في قمة العطاء وفي قلبك يرزح فرحا مبطئا وكأنه يعزيك على فعل الخير بمن تحب .. فينقلب هذا الفعل إلى عقاب بشري يجردك من كل لمسات الحب ومن كل ذخائر الطيبة وتكون أنت في كل ما فعلت من كرم "بإسراف" ليس إلا واحد فعل ما وجد مصلحته فيما فعل .. حينها تشعر بأنك حقا "بائس" .






حين تقود حملة من الشقاء وتخرق الأرض وتطال عنان السماء لأجل أن تسر أناس لا يرون ما تفعل ولا يقدرون ذلك العناء ويزيدون شقائك شقاء بل ويصرون على انك "ما فعلت شيء".. في حين انك تفعل ما لا تطيق ولا تقدر لأجلهم.. حينها فقط تشعر بأنك في بحر من "البؤس" تغرق.






حين ترتسم على شفتيك ابتسامة السماح لعدو ماكر وحاقد متآمر فقط لأنه أسمعك تحية المارين، لتقعد بعدها تحاسب النفس بما ساقته من قول لا تجده فيه رغم درايتك به ومعرفتك جيدا بمدى غدره وشره.. لتتحول تلك "المسامحة" لفرصة "غافلة" لذلك الماكر يقود بعدها هجمة مباغته تشعرك بأنك أغبى المغفلين.. حينها تشعر بان الدنيا حولتك إلى "بائس" ملعون.






حين تنظر بأمل الفارجين، وفرح المتأملين وتنتظر الغد ليحين، ولا غد به قدر من البشائر، والفرج بعيد ولا تعرف صباح والليل يسارع بالمغادرة والأيام تطوي الأيام والسنوات تمر من تحت قدمك كمر الموج الهادئ في فصل الربيع، فترى نفسك وحدك لا شريك ولا صديق ولا حتى قدرا من الاعتراف بالجميل، فترى انك لم تحقق لنفسك ما تريد وكأنك تسعى في هموم غيرك بما يريد .. وتلك "العجالة" جعلتك تلتفت إلى ما خلفته من طي للسنين.. حينها تدير رأسك فترى كم كنت بائس حزين يغريه الحنين إلى سنين لم يعشها إلا للآخرين.






حين تصدمك الحياة بمن تحب، بالأقربين والأصحاب المقربين، حين تتكشفك الأيام بالروح التي عشت طيلة سنين لا تعرف أنها خبأت لك ما يضجرك من الهم الحزين، حين ترى أن الذين من حولك ليسوا مثلك ولطالما اعتقدت إن قاعدة ازرع خير تحصده هي قاعدة حقيقية ولكنك لا تحصد ذلك الخير وأيضا لا تحصد عشرت الأقربين ولا الأعزاء والذين فضلتهم على راحتك سنين .. حينها تتحقق من أن البؤس حتما هو مسراك الأخير .






إحساس البائسين شعور الموت البطيء الذي لا يقدر على شعوره إلا من جردوا من كل ما يرونه جميل في الحياة، مبادئ، لفتات، تعاملات، وحتى أشخاص ومواقف.