تعرف على نفسك -3
الاعتقاد أو المعتقد هو فعل "العقد" أي العزم، ولكن أي نوع من العزوم اقصد، هناك في داخل النفس حيث نعتقد أو لا نعتقد داخل كل إنسان اعتقادات قد تكون خاطئة وقد تكون صحيحة ،متراميات في الشعور داخل النفس كثرت صدقها قد تصنع لنا "الحاسة السادسة" بعد ان تجتاز اختبارات "الحدس" الصادقة والمتكررة.
وهذا الشعور أو الإشعار يكونه إشعاع مادي غامض للعنصرين المتجانسين الثالث والرابع واقصد بهما "النار والهواء" او هي الظاهرة التي يطلق عليها بعض الروحانيين "بالهالة".
ولكني لا اعتقد تسمية "الهالة" تشمل الكل المكون لما أريد إيصاله، فالهالة إنما هي جزء يسير من عملية "الاعتقاد".
فبعض الناس يؤمن بالأيام "النحوس" والأيام "السعود" فهناك طوالع تحمل ذات المسمى، بعضهم يتطير ويتشاءم من بعض الدلالات أو الحيوانات أو ما يسمى بالفأل الحسن أو السيئ،كل تلك الظواهر هي عبارة عن اعتقادات لم تأتي هباء ولم تتكون لدى الأشخاص الذين جعلوا منها "أيدلوجيا" من بعد ان كانت تجربة فتحولت إلى ظاهرة فأصبحت عرف ومعتقد، استطاعوا ان يستخدموا مبدأ الملاحظة والتأمل فكل ما يلزمنا هو التأمل فقط للتعرف على أنفسنا، وعليه يمكن ان نتعرف على كل ذلك.
فنحن جميعا لدينا إدراك واعتقاد بل هو الشعور بالاعتقاد لما سيحصل إلا إننا لا نستطيع جزمه بسبب بسيط جدا وهو ان "يمحي الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"وذلك حتى لا يتداخل مع علم الغيب وكشف المستور لان لا تكون علينا سلطة وتبقى حاجتنا إلى الله مستمرة بالتضرع والدعاء والصبر.
فإذا ما أوجس احدهم بشيء معتقدا حدوثه على الأثر ولم يحدث ربما قاد اللطف الإلهي أو عملا من موجبات القضاء أو لسبب من قبل هذه الأسباب تأجيله أو عدم حدوثه.
وعليه فان الاعتقاد أشبه بالمشروع البدائي لا تكتمل فصوله إلا حين تكتمل مكوناته وحيثياته.بمعنى ان الاعتقاد إذا ما تداخل عليه الإيمان فانه يتحول إلى حقيقة "يقين" وهذه الحقيقة هي التي تتولد عليه ما يسميه العلماء بالحاسة السادسة.
ولكن السؤال كيف يلعب الإيمان هذا الدور(واقصد بالايمان هنا لا الديانة بل اليقين ذاته بالمعتقد)؟ وكيف يمكننا ان نتحول إلى معتقدين بالحقيقة "متقنين"؟.
للأسف يعتبر تدارك الاعتقاد مرحلة متقدمة جدا لمعرفة النفس واكتشاف دواخلها فحين نعتقد بالشيء يلزمنا جرس إنذار وهذا الجرس لابد ان نتعرف عليه فهو موجود بداخلنا ولكن القلة من يعرفه.
وهناك من يعتقد بالشيء انه سيحدث ويحدث بالفعل ولكن لأنه لا يؤمن بالتيقن والاعتقاد هذا لأنه لا يدرك حقيقة نفسه ولا يعرف كيف يعبر عنها بل لا يعرف كيف يتولد لديه هذا الشعور فسرعان ما يصبح هذا المعتقد ماض حتى يتولد الشعور الذي يدق كناقوس ويعيد المشهد،فكم منا هاجمه ذلك الشعور الشرس اثر انقباض في القلب، فإما يحدث بالفعل أو لا يحدث بسبب فعل خير لصاحبها أو ما نسميه بالعامية "دفعة بلاء"،أو نصبح في يوم بانشراح لا نعرف له سبب فتفتح لنا الدنيا أبوابها على الموسع قدره.
نحتاج من كل ذلك ان ندرك بان الأرواح تلتقي ولديها لغتها الخاصة التي توصل لنا تلك الإشارات الحقيقة.
وقبلها يجب ان نتصالح معها ونتعرف عليها، فمثلا قد يشعر احدنا فجأة ودون أي مقدمات انه يمكن ان يحدث له حادث سيارة ،قد يحاول ثني تفكيره بان طريقة سيره هي السبب أو ربما يتعرض بالفعل لبعض الأخطاء في الشارع ولكن لا يتم الحادث ،هنا قد يقول قائل ان هذا الإحساس يأتي نظير الموقف والبعض لا يدير بال ويمضي وهو يضع الاحتراس نصب عينيه إلا انه لا ينفع حين يقع القضاء، والبعض يمكن ان يتكرر عليه مثل هذا لخاطر فيستغرق في هم الحادث فإما ان ينجو أو يتحول الاعتقاد إلى إيمان يؤدي به إلى حادث.
بعض هذه الخواطر نستطيع تسميتها "بالرؤية" في اليقظة فهذه قد تجعلنا نلتفت إلى إشارات روحانية قد تتداخل بها النفس الأمارة أو اللوامة بحسب الموقف ، وقد تنازعنا وسوسة النفس والشيطان فتصيبنا بالمرض، فيشاركنا الخوف والقلق وقد نصاب بالاكتئاب جراء عدم إدراكنا الواعي للأمر فقد يكون مبالغ فيه فنخطئه، إذ يجب ان ندرك ان الاعتقاد يحتم علينا ان نتعرف على لغته ونعرف كيف نتعامل معه بالطبع إذا تعرفنا على مفتاح ذلك وهي "نفسنا".
فالعقيدة الشخصية يجب ان تكون لها اعتباراتها الروحانية تماما كما العقيدة الاجتماعية والدينية والسياسية، ان تكون لها أصولها ومبادئها،ولها لغة لا يعرفها إلا من أراد التعرف عليها،بعد ان يتعلمها، بحيث ندرك خباياها ونعرف حينها متى ترسل لنا هذه الإشارات وعليه يمكننا ان نتصرف بروية وحنكة.
تعليقات
إرسال تعليق