عليٌ كُله ؟؟
ولا تجزع من الموت ** اذا حل بناديكا
كما اضحك الدهرُ ** كذاك الدهر يبكيكا
كان يرددها امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وهو ذاهب الى قدره حيث كانت تلك ليلته الاخيرة "الطبيعية" التي تمهد لموته..وفجيعتنا به في كل عام في هذا الشهر يكون لنا وقتا لتأبين هذا الشهيد العظيم "وليد الكعبة وشهيد المحراب" كما يسميه شيعته ، الا انها حقيقة يقرها التاريخ له..
لا اغالي حين اظهر كما من الحب للامام علي بن ابي طالب "ع" فهو يمتلك كل المقومات التي تفتن اي فرد سواء كان مسلما ام لا به.. جدير به ان يكون اسطورة يسامر بها الراوي لنهر الصفات الكريمة التي خلقت لعلي وخلق علي بها..انه بالفعل "هرقل" الحكايات التي نستأنس بها من وحي بطولاته..
علي بن ابي طالب هو وليد الكعبة (13 رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة) حين انشقت لامه فاطمة بنت اسد لتدخل اليها ثلاثة ايام يرعونها ملائكة الرحمان وهذه مكرمة الهية لم تعطى الا لعلي، ولا تزال اثار الشق بادية على جدار الكعبة الشريفة الى اليوم لولا كسوته.. وقال في ذلك الحدث الحميري رائعته :
ولدته في حرم الإله وامنه ** والبيت حيث فناؤه والمسجد
بيضاء طاهرةُ الثياب كريمةٌ ** طابت وطاب وليدها والمولد
ما لف في خرق القوابل مثله ** الا ابن آمنه النبي محمد
اسمته امه حيدرة واسماه اباه علي ولم يكن له من قبل سميا ، وكلنا يعرف ان اسمه هو اسم الله تبارك وتعالى الذي قال في آية الكرسي من سورة البقرة "وهو العلي العظيم"،اتكون تلك اشارة .. الله اعلم. سيرة وترجمة ابو الاحرار وحامي الدار ومكرم الجار .. نهل لا ينضب ومعين جار الى ما شاء الله تلك صفات ابو الحسنين عليه مني السلام، وما خفي اعظم..
اصاب بالتعجب كلما قرأت مصرعه ، فأردد ما كان يردده الزير سالم حين جاءه نبأ قتل اخيه كليب، وأقول "عليٌ كلهُ"، لا استطيع وانا التي اعيش في زمن 14 الف بعد الهجرة ان اصدق استشهاد "علي" كيف يكون ذلك، عقلي لا يكاد يصدق ان يقتل ونفجع بانسان بقدر علي.."علي كله" كيف ذلك، لم يبقي لنا الا لوعته ، وذكرى استشهاده تجلجل بنا جلجلت صهيل فرسه في يوم "الضروب" واسنت "ذو الفقار" يوم الحروب.. من لا يعرف فقد قتل الامام على يد من رعاه منذ كان غلاما وهو عبد الرحمن بن ملجم المرادي، في ليلة التاسع عشر من رمضان وهي اول ليالي القدر المشتبه بها..وقد اصيب بجرح قاتل حتى استشهد وفاضت روحه الشريفة الطاهرة في الليلة الواحدة والعشرون من رمضان.. يقول ابنه الامام الحسن عليه السلام في خطبه تلت دفن ابيه "لقد قُبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الاولون بعمل ولم يدركه الآخرون بعمل، .... ،لقد توفي في الليلة التي نزل فيها القرآن وعُرج فيها بعيسى بن مريم ، والتي قبض فيها يوشع بن نون وصي موسى، ..."
المفارقة الاخرى بان وليد الكعبة ختم حياته صارخا حين تلقى ضربة ابن ملجم "فزت ورب الكعبة" وكأنه يذكر الله ويشكر له عظيم مننه بانه لبى له امنيته واماته شهيدا لا رقيد السرائر ..وحين انشأه كان في مكان مبارك وهي الكعبة..وهو الذي لم يتخلف قط عن اي معركة او سرية او غزوة الا لباها وكان يكفيه فخرا قول رسول الله صلى الله عليه وآله ما قاله في حقه حين مبارزته لعمر بن ود فارس العرب قاطبة المهاب من الجميع والذي خشى الجميع مبارزته الا علي فقال الرسول الاعظم حين برز له علي وكان غر فتي "برز الايمان كله للكفر كله" اذا كان الايمان كله في علي، وحين ضربه ضربة قاتله كبر الرسول وخلفه المسلمين وقال " ضربة علي يوم الخندق ، تعادل عبادة الثقلين". اقوال كثيرة بل يكفيه فخرا انه كان ولي الله في قول عز القائل في سورة المائدة " انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون"وكلنا يعرف بان المقصود فيها علي وهي روايات متوارثة. كما ذكر من جملة الاذكار في الاعجاز العظيم قول الله عز وجل في "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا، انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا" وهي ايضا رواية متعارفة حين صام هو وزوجته فاطمة عليها السلام وابناه الحسنين عليهما السلام لثلاثة ايام متواصلة حيث يطرق عليهم كل يوم سائل فيؤثرون افطارهم له فنزلت فيهم. كل ذلك يزكي لنا طيب الذكر لمن نذكره في مقالنا هذا، ليس باي شخص انه علي، وما ادراك ما علي..
في ذكر بعض من صفاته اورد هذه الرواية: "فقد جاء في كتاب حلية الأولياء عن أبي صالح وكذلك في كتاب الأمالي للصدوق عن الأصبغ بن نباتة قال : دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان فقال له : صف لي عليّاً . قال :أ وَتعفيني ، فقال : لا ، بل صِفْه لي ، فقال له ضرار : رحم الله عليّاً ! كان والله فينا كأحدنا ; يدنينا إذا أتيناه ، ويُجيبنا إذا سألناه ، ويقرّبنا إذا زرناه ، لا يُغلق له دوننا باب ، ولا يحجبنا عنه حاجب ، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منّا ، لا نكلّمه لهيبته ، ولا نبتديه لعظمته ، فإذا تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم . فقال معاوية : زدني من صفته ، فقال ضرار : رحم الله عليّاً ! كان والله طويل السهاد ، قليل الرُّقاد ، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار ، ويجود لله بمهجته ، ويبوء إليه بعبرته ، لا تغلق له الستور ، ولا يدّخر عنّا البدور ، ولا يستلين الاتّكاء ، ولا يستخشن الجفاء ، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخي الليل سدوله ، وغارت نجومه يميل في محرابة ، قابضاً علي لحيته ، يتململ تململ السَّليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأنّي أسمعه الآن وهو يقول : يا ربّنا يا ربّنا ـ يتضرّع إليه ـ ثمّ يقول للدنيا : إليَّ تغرّرتِ ! إليَّ تشوّفتِ ! هيهات هيهات ، غُرّي غيري ، قد بتتّك ثلاثاً ، فعمرك قصير ، ومجلسك حقير ، وخطرك يسير ، آه آه من قلّة الزاد ، وبُعْد السفر ، ووحشة الطريق" .
نعاه صديقه المخلص صعصعة بن صوحان حين وقف على قبره بهذه الابيات حيث قال فيه:
ألا من لي بأنسك يا اخيا ** ومن لي ان ابثك ما لديا
طوتك خطوب دهر قد توّلى ** لذاك خطوبه نشراً وطيا
فلو نشرت قواك لي المنايا ** شكوت إليك ما صنعت إليا
بكيتك يا علي لدر عيني ** فلم تغن الكباء عليك شيئا
كفى حزنا " بدفنك ثم إني ** نفضت تراب قبرك من يديا
وكانت في حياتك لي عظات ** وأنت اليوم أوعظ منك حيا
فيا أسفي عليك وطول شوقي ** إلى لو أن ذلك رد شيئا
ولا زال لساني يقول "ا عليٌ كلهُ ؟!؟ " قد مات حينها ؟؟ اظن بان الزمن كفل لي الاجابة ولكن لعظمة المصيبة كان هولي!!..
تعليقات
إرسال تعليق